نجيب أقصبي: نحن في قاعة انتظار كبيرة، الجميع بما فيها الملك يقر بالداء لكن لا أحد يجلب الدواء

02 يناير 2020 - 07:00

أجزم بأن 2019، هي في الحقيقة سنة « اللاشيء »، إذ أنها وبكل صراحة سنة الانتظارية القاتمة، ومفارقة مذهلة، فمن جهة الجميع يقر بالداء ولكن لا أحد يقدم الدواء، والغريب في الأمر هو أن الجميع باعتراف الملك محمد السادس نفسه بفشل النموذج التنموي إلى التصريحات الاخيرة للوزير مولاي حفيظ العلمي الذي يقر بأن اتفاقيات التبادل الحر هي أيضا فاشلة وأنه علينا أن نعيد النظر فيها، وهي أمور معروفة كنا نقولها في المعارضة منذ سنوات لكن الان جاءت باعتراف، والنتائج من النموذج إلى الاتفاقيات ومرورا عبر عدة إقرارات بفشل السياسات المتعددة من بينها فشل المخططات الطباعية أيضا، فالجميع يقر الآن أيضا بأن مخطط المغرب الأخضر فاشل،  والجميع يقر بأن تحرير المحروقات كان خطأ قاتلا، والجميع يقر بأن النظام الضريبي غير عادل وغير ناجح وكانت المجالس الضريبية قد تم إحداثها لهذا الغرض..هذه المفارقة الغريبة الجميع بمن فيهخم المسؤولين الأولين الرئيسيين اليوم، يعترفون ويقرون بالفشل ليس فقط في الاختيارات الكبرى ولكن أيضا في الاليات السياسات العمومية بما فيها السياسيات الضريبية والجبائية والتبادل الحر، والدعم وكل شيء..ولكن أين هو الدواء؟ الجميع ينتظر، في قاعة انتظار كبيرة تسمى الساحة المغربية

بالنسبة للنموذج التنوي، منذ أربع سنوات وعاهل البلاد يتكلم عن فشله، ثم انتظرنا إلى آخر السنة لتتكون هذه اللجنة التي ليست حل، والان إلى يومنا هذا نحن لا ندري ما الدور الذي ستلعبه هذه اللجنة، وما هي مخططاتها وما ستقدمه. ثم بالنظر لقطاعات المغرب الاخضر مثلا ، بعد النقد الذي وجهه الملك  عند استقباله للوزير الوصي على القطاع عزيز أخنوش ليطلب منه الاصلاح والتوجهات الجديدة، كنا ننتظر أو كان يفترض خلال المعرض الوطني للفلاحة في مكناس أن يتم تقديم نسخة جديدة خاصة بالإستراتيجية الجديدة في القطاع الفلاحي غير أنه لاشيء من هذا حدث وبقي الكل ينتظر إلى حدود الساعة

المجالس الضريبية بدورها، التي أقر فيها الجميع بأن النظام غير عادل وغير مجدي، واتفق الجميع على الخطوط العريضة والاجراءات والتوصيات للإصلاح، فيما وعدت الحكومة بأنها ستخرج قبل قانون المالية، بقانون إطار من أجل إصلاح هذا النظام ولكن لم يكن شيئا من هذا، وها نحن ننتظر، في الوقت الذي كان يفترض أن يخرج قانون المالية 2020 في إطار هذا القانون الاطار وأن يستلهم توجهاته من هذا القانون، ووقت الانتظار كانت الفضيحة الكبيرة، هي تحرير قطاع المحروقات، وفضيحة 17 مليار ثم تكونت اللجنة وجاء مجلس المنافسة الجديد وتحمل مسؤولية دراسة هذا الملف، وكان قد صرح بأنه سيخرج بقرار في شتنبر، لكن ما الذي حدث؟ نحن في دجنبر ولا زلنا ننتظر مرة أخرى، واعتقد أنه سيجري تقبير هذا الملف أيضا على صعيد المجلس

والخلاصة أن الجميع يتفق على لمس ملامح الداء ولكن لاشيء بالمقابل، والقاعدة تقول أنه كل ما لا يتقدم هو في الحقيقة يتأخر، فبناء على أننا لم نتقدم خلال 2019، من المؤكد أنه خلال 2020 مشاكلنا ستزيد تعقيدا وعمقا، ففي هذه السنة كانت استمرارية الازمة ومع الاسف إلى يومنا هذا المحرك الأساسي للاقتصاد المغربي هو الفلاحة أي الظروف المناخية،و بما أن هذه الظروف كانت سيئة، فإن الموسم الفلاحي كان هو الآخر سيء، ومنتوج الحبوب لم يتعدى 52 مليون قنطار أي ما يقرب النصف في موسم ما قبله، وهذا ينعكس على كل واجهات الاقتصاد بما فيها الناتج الداخلي الخام، ووتيرة النمو التي أصبحت أقل من 3 بالمائة، وأيضا البطالة والقدرة الشرائية للمواطنين والتوازنات الداخلية والخارجية  بارتفاع المديونية وعجز الميزان التجاري..

المشكل الأساسي في الاقتصاد المغربي مرتبط  أساسا بالنظام السياسي، الذي يضع البلد في هذه الانتظارية وهذا الوضع حيث يغيب الدواء أمام الداء الذي يقر به الجميع، والأكثر من هذا هو أنه طيلة السنة، يسجل بلدنا تراجعا خطيرا على مستوى الحريات ونداء دولة الحق والقانون، خاصة في ظل اعتقال الصحافيين والمدونين، والمؤسف هو جواب أصحاب القرار في المغرب الذين لا يسعون إلى الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بل تكريس التراجع والقمع السياسي والحقوقي، وهذا شعوري ونحن في نهاية السنة.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

عبدو منذ 4 سنوات

كلام في الصميم ....و تشبيه مثالي للواقع السياسي الحالي في المغرب...

اعملوا المصطفى منذ 4 سنوات

اعتقد كما يعتقد كل مواطن مغربي أن جميع المسؤولين سواء البارزين على الساحة أو غيرهم ،لهم كامل الصلاحية و المصداقية في التعبير الحر.مثلهم كمثل رجالات البرلمان.لكن .لا خير في أحد.الدواء في جهة و نحن ننظر في جهة أخرى.وهكذا...الذل هواؤنا نتنفس به

التالي