تامنصورت.. مدينة بدون إنارة عمومية

30 ديسمبر 2020 - 07:30

بعد مرور 16 سنة على انطلاق مشروع بنائها، يتصاعد التنديد بوضعية الخدمات الاجتماعية والإدارية بمدينة تامنصورت، ضواحي مراكش؛ فبعد تنديد سابق بتردي الوضع الأمني وندرة الماء، وجّه فرع « المنارة » للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، رسائل إلى كل من والي جهة مراكش ـ آسفي/عامل عمالة مراكش، باشا تامنصورت، رئيس مجلس جماعة حربيل ـ تامنصورت، المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بمراكش، ومدير مؤسسة « العمران »، حول انعدام الإنارة العمومية بعدة أشطر بتامنصورت، وتهالك تجهيزاتها بشارعها الرئيسي.

 وذكّرت الجمعية الحقوقية المسؤولين المذكورين بأنه سبق لها أن راسلتهم، بتاريخ 15 دجنبر الجاري، لإثارة الانتباه لحالة الظلام الدامس الذي تعيشه مجموعة من الأشطر بتامنصورت وأهم التجمعات السكانية بالجماعة القروية حربيل، التي تقع المدينة داخل مجالها الترابي، خاصة بدواوير: القايد آيت مسعود، الزغادنة، آيت علي، آيت واعزو، والغشيوة، مشيرة إلى أنها توصلت، مؤخرا، بعرائض وتوقيعات للعديد من المواطنين بالشطر الثالث والسابع والثامن وبمجموعة من الإقامات والدواوير التابعة لجماعة حربيل، كما توصلت بأشرطة مصورة، يشتكي فيها السكان من انعدام الإنارة العمومية وضعفها وانقطاعها المتكرر بسبب أعطاب واختلالات تقنية متكررة، وهو الأمر الذي قالت الجمعية إنها وقفت عليه من خلال المعاينة الميدانية. 

وتابعت بأن الوضعية الحالية باتت تخلق لدى الساكنة إحساسا بانعدام الأمان، خاصة في ظل « تنامي ظاهرة السرقة والنشل وتحول المنطقة إلى مرتع للمدمنين على المخدرات والمنحرفين »، تقول الجمعية التي لفتت إلى أن التبليغ عن حدوث هذه الانقطاعات المتكررة، لا يُثمر أي تدخل من طرف المسؤولين، بل إنها أكدت بأن مطالب السكان يتم التعامل معها بالتماطل وعدم الاكتراث.

وأضافت الجمعية بأنها كانت تمني النفس بأن تتم الاستجابة لمطالب السكان المتضررين من انقطاع الإنارة العمومية، خاصة بعد حلول لجنة مختلطة بالمدينة، قبل أن تفاجأ بأن دائرة الظلام قد اتسعت وأصبحت تعاني منها أحياء جديدة، فقد أضيف الشطران السادس والخامس وأجزاء من الشطر الثاني وإقامة رياض الياسمين وتجزئة الحرية والشارع الرئيسي بالمدينة إلى الأحياء التي تعاني من غياب الإنارة العمومية، وهو ما قالت إنه تسبب في حالة سخط لدى سكان المدينة، وفاقم حالة الركود التي تعاني منها. 

ودقت الجمعية ناقوس الخطر من انعدام الإنارة العمومية بالمقطع الطرقي الخطير بين محطة التصفية العزوزية وقنطرة وادي تانسيفت، التابع ترابيا لبلدية مراكش، ناهيك عن تضرر عشرات الأعمدة الكهربائية في اتجاه تامنصورت، وانعدام الإشارات الضوئية وعلامات التشوير. 

وطالبت الجمعية بالتدخل لتمكين الساكنة من الإنارة العمومية، باعتبارها إحدى مقومات السكن اللائق، وضمان جودة وفعالية التجهيزات المقدمة للساكنة، فضلا عن توفير بنية تحتية لائقة، عبر تقوية الشبكة الكهربائية والإنارة العمومية، وإطلاق أشغال صيانتها وإصلاحها، في احترام للمعايير العلمية والتقنية المعمول بها في مجال التهيئة الحضرية، كما طالبت كلا من مجلس جماعة حربيل والمكتب الوطني للكهرباء والماء وشركة العمران، بالوفاء بالتزاماتهم المعلنة في مناسبات رسمية عديدة، وتنزيلها على أرض الواقع بما يخدم حقوق سكان المدينة.

وسبق للجمعية نفسها أن نددت، في وقت سابق، بما اعتبرته « انفلاتا أمنيا » و »ظهورا لحالات تطبيق شرع اليد » بمدينة تامنصورت، محمّلة، في بيان استنكاري أصدرته أواخر شتنبر من السنة المنصرمة، المسؤولية للأجهزة المكلفة بحفظ الأمن « بسبب عدم التعامل بالجدية المطلوبة مع شكايات السكان، وعدم قدرة المركز الوحيد للدرك الملكي على ضبط الأمن بهذه المدينة الجديدة مترامية الأطراف، واقتصاره على بعض الدوريات الموسمية »، يقول البيان الذي عزا ذلك إلى « تركيبة جهاز الدرك وعدم فعاليته في الاشتغال داخل المجالات الحضرية، وضعف إمكانياته البشرية واللوجستيكية ».

 وقام مركز الدرك الملكي بتامنصورت، ساعات قليلة بعد صدور البيان المذكور، بحملة أمنية، بتنسيق مع المركز القضائي، التابع للقيادة الجهوية للدرك الملكي بمراكش، أسفرت عن توقيف 20 شخصا يُشتبه في ارتكابهم لأفعال مخالفة للقانون، الذين جرى وضعهم تحت الحراسة النظرية، قبل أن يجري تقديمهم أمام النيابة العامة المختصة، كما تم اعتقال مجموعة من الأشخاص المبحوث عنهم في قضايا تتعلق بـ »السرقة الموصوفة، اعتراض سبيل المارّة تحت التهديد، وحيازة والاتجار في المخدرات ».

كما سبق للعديد من سكان المدينة أن نظموا وقفات احتجاجية ضد الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب، الذي يمتد أحيانا إلى أسبوع متواصل، دون أن يبادر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى إشعارهم بهذا الانقطاع، أو إصدار بلاغ في هذا الشأن، وهو ما يضطر معظمهم إلى الاستعاضة عن هذه المادة الحيوية باستهلاك مياه غير معالجة، فيما تلجأ قلة منهم إلى استهلاك مياه المائدة، التي يضطرون إلى التنقل لمراكش، التي تبعد بـ17 كيلومترا، من أجل اقتنائها، بسبب عدم توفرها بالمحلات التجارية بتامنصورت، على خلفية الطلب المتزايد عليها.

كما يستنكر سكان المدينة، البالغ عددهم حوالي 50 ألف نسة، تدني الخدمات الإدارية، مستدلين على ذلك بالتماطل في منح مجموعة منهم تراخيص البناء، خاصة بالشطرين السابع والثامن، بالرغم من استيفائهم لجميع الإجراءات القانونية، في الوقت الذي يتذرع فيه المسؤولون بتنازع الاختصاصات في تصفية الوعاء العقاري بين مؤسسة « العمران » وجماعة « حربيل ».

 ويطالب السكان وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بالتدخل الفوري لحمل « العمران » على الوفاء بالتزاماتها، التي أعلنتها عند إطلاق هذا القطب الحضري، الممتد على مساحة إجمالية تقدر بـ1200 هكتار، والذي تم الشروع في بنائه، منذ أواخر سنة 2004، وقُدّر غلافه المالي بأكثر من 24 مليار درهم، وكان مقررا أن يؤوي حوالي 300 ألف نسمة، وكانت المؤسسة تروم من خلاله التصدي للضغط العمراني والديمغرافي المتزايد على المدينة، والحفاظ على مكانتها السياحية والتاريخية، والقضاء على السكن غير اللائق بها، والتغلب على الخصاص الذي تعانيه الجهة في مجال السكن.

هذا وسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع المنارة) أن أصدرت بيانا حذرت فيه من تحول « تامنصورت » إلى مدينة غارقة في المشاكل، مفتقدة للمواصفات الخدماتية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى ما تعرفه المدينة من « نقص حاد في البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية »، داعية إلى تسوية وضعية الوعاء العقاري، وتمكين طالبي رخص البناء من وثائقهم.

 

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي