نقطة نظام.. مزاح الحجر

04 نوفمبر 2020 - 00:00

يُجس المزاج العام إزاء تدابير حكومية، في بعض الأحيان، بضخ قدر من الإشاعات. لنتذكر أن أشرطة صوتية بُثت على تطبيق «واتساب» في مارس الفائت، كانت تؤكد وجود ترتيبات لفرض حجر صحي كامل، فيما ظلت الروايات الرسمية تنكر ذلك. في الواقع، فقد أظهرت جائحة كوفيد19 أن أغلب المرويات بشأنها على تطبيقات التراسل الفوري كانت أصدق إنباء من بيانات الوزراء. ولمرة ثانية، تستعيد هذه الحيلة أهميتها.

على كل حال، لم يعد للسلطات الحكومية هامش مناورة واسع في نهاية المطاف وهي تخطط، مجددا، لصيغة مشددة للطوارئ الصحية. صندوق مواجهة كوفيد19، وبعدما ضُخ فيه حوالي 34 مليار درهم، يبدو أن المشرفين عليه قد قرروا تصفيته بشكل عملي على الأقل. لم يعد فيه مال جدير بالاعتبار، والمساهمات الموجهة إليه تباطأت منذ أبريل بشكل حاد، ثم توقفت في يوليوز الفائت. جرى صرف تلك الأموال على الملايين من الفقراء، وساعدت أجزاء منه رجال أعمال كما أصحاب المشروعات الصغيرة على تخفيف عبء الإغلاق الشامل للبلاد. وفي نهاية المطاف، لم يطرح المشرفون عليه بيانات مفصلة عن طرق الصرف، ولم يهتم البرلمان بأن يطالب بذلك أيضا. كان صندوقا سياديا آخر لا يخضع لأي حساب علني.

ماذا ستفعل السلطات، إذن، إن هي قررت إغلاق البلاد مجددا؟ في كل الأحوال، من الواضح أن افتقارها إلى موارد كافية سيجعل من سيناريو دفع مساعدات للفقراء، هذه المرة، أمرا بعيد المنال. وبالنسبة إلى رجال الأعمال، فإنهم، كما جرت العادة، سيستفيدون، على نحو ما، من غض البصر، ثم سيُطلب من الجميع أن يصبر إذن. لكن، يتعين على هذه السلطات أن تقيس، على نحو دقيق، كم ستبلغ درجة الصبر لدى الناس هذه المرة.

ما هو جدير بالانتباه هو فهم الكيفية التي ينظر بها الناس في الوقت الحالي إلى الإجراءات المتخذة من لدن السلطات. بشكل معين، فقد أصبح الناس ميالين إلى الاعتقاد بأنهم يسددون فاتورة عجز الحكومة نفسها عن فعل ما هو مناسب. بمقدور الحكومة أن تلجأ إلى الصيغة السهلة بأن تحول الحجر إلى أمر سلطوي مسنود بعنف الدولة. لكن من شأن ذلك أن يدفع الناس إلى المواجهة، كما يحدث في إسبانيا. لقد تحولت إدارة الحكومة للجائحة إلى مزاح سمج. بصيغة مباشرة؛ لا ينبغي نصح السلطات بتحويل عجزها البنيوي عن مواجهة جائحة إلى أزمة شاملة لا يُسأل عنها أحد من أولئك «الموظفين» الذين يخفون كل مرة الحقيقة الوحيدة، وهي أننا أضعف من أن نتصرف كالأقوياء.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي