عادل بنحمزة يكتب: المغاربة "القانطون" بالخارج!

28 يوليو 2020 - 00:34

رغم كل الإجراءات والتدابير التي اتخذها المغرب في مواجهة جائحة كورونا، والتي يمكن أن نتفق أو نختلف حولها سواءفيما يتعلق بتوقيتها ونجاعتها أو التواصل بشأنها، أو مدى قبول الجميع بها، فإننا، وبالنظر إلى الطبيعة الاستثنائيةللجائحة ومحدودية الإمكانيات المتوفرة وتلك التي أمكن تعبئتها، تجعلنا نقبل بما قررته السلطات المختصة، مع تسجيلهفوات وأخطاء قد لا يكون المجال مناسبا الآن للخوض في تفاصيلها، وإن كان ذلك مطلوبا في إطار مؤسسات الرقابةوفي صدارتها البرلمان، لكن أعتقد أن الجميع يتفق أن أداء الحكومة اتسم بكثير من الارتباك وعدم الوضوح وقلة المسؤولية،فيما يتعلق بعودة العالقين في الخارج، وفي فتح الحدود في وجه مغاربة العالم، وهو موضوع يشكل نقطة سوداء في أداءالحكومة لا يمكن تأجيل الحديث عنه وإبداء الرأي بخصوصه، لأنه يمثل مأساة حقيقية، لا يمكن تفسيرها فقط، بحدودقطاعنا الصحي، لأنها تُسائل قضايا أعمق، مثل المواطنة وحقوقها وأن تجد نفسك في اختبار لمعنى أن تكون مغربيا.

مأساة المغاربة العالقين منذ شهر مارس الماضي في أكثر من بلد حول العالم، سارت حديث الخاص والعام، ولأن تدبيرهذا الموضوع ليس إعادة اختراع للعجلة، إذ قامت حكومات العالم بإجلاء رعاياها بمختلف القارات الخمس، فإن الفشلفي تدبير هذا الموضوع ليس له أي مبرر ولا يقبل أي تفسير، فدول بإمكانيات أقل من بلادنا سارعت للقيام بالواجب معمواطنيها، بينما ترك مواطنون مغاربة لمواجهة مصيرهم، والأسوأ من كل ذلك هو إعادة جزء من العالقين وترك الباقي يواجهمصيره بشروط تعجيزية، يضاف إليهم اليوم، المغاربة القاطنون بالخارج، إذ جرى إلغاء عملية مرحبا وفي الوقت عينهتقليص المعابر والمنافذ ووسائل النقل التي يمكن أن يستعملوها مع شروط تتعلق بالاختبارات، التي إما أنها غير متوفرةفي بلدان الإقامة وهذا حال كثير من الدول الإفريقية، وإما أنها بتكلفة عالية، والأسوأ من كل ذلك هو حصر صلاحية تلكالاختبارات في 48 ساعة، علما أن كثيرا من العالقين ومغاربة العالم مفروض عليهم الانتقال إلى أوروبا، خاصة فرنسا أوإيطاليا لمواصلة رحلة العودة إلى المغرب، هذا دون الحديث عن أسعار التذاكر في الخطوط الملكية المغربية والبواخر التيجرى اعتمادها، مما يجعل العودة عمليا شبه مستحيلة، هذا دون أن نغفل أن جزءا من مغاربة العالم والعالقين هم فيالواقع بحاجة إلى الإجلاء من دول تعرف تدهورا متسارعا سواء اقتصاديا أو أمنيا نظير ما يجري في لبنان ومالي، كماأن برمجة رحلة أو رحلتين لكل من بيروت وباماكو، كاف لإخراج المغاربة من هناك، والأمر عينه يمكن قوله بخصوصالعاملات الموسميات في حقول الفراولة بإقليمويلباالإسباني، فصرخاتهن ارتفعت منذ بداية حالة الطوارئ، ورغم أنالحكومة تحركت متأخرة لإخراجهن من إسبانيا، فإن ذلك غير كاف لستر مأساتهن، إذ إن مدخراتهن ضاعت في شهورالحجر الصحي الطويلة في الجارة الشمالية. إن عودة العالقين بالخارج هو في العمق قرار سياسي يمثل ملمحا منملامح السيادة ومعنى الاعتزاز بالمغربي أينما كان، وكل جوانب القرار الأخرى تبقى مكملة رغم أهميتها، لكنها لا تشكلالسند الرئيس الذي يبنى عليه القرار، بما في ذلك الجانب الصحي. لماذا؟ لأن عمليات العودة جرت في أكثر من بلد حولالعالم وباحتياطات معلومة لا يعترض عليها العالقون، وأبرزها، الخضوع الإجباري للحجر الصحي، وهو ما يمكن أنيجري في الفنادق المغلقة بسبب الأزمة المنتشرة على طول البلاد وعرضها، علما أن كثيرين عبروا عن استعدادهم لأداءثمن تذكرة العودة إلى الوطن، وكما يعلم الجميع، فإن طائرات الخطوط الملكية المغربية ظلت جاثمة في المطارات منذ إعلانحالة الطوارئ الصحية، وهذا معناه أن إعادة العالقين في الخارج كانت مسألة ممكنة وواقعية، وكان بالإمكان القيام بهاعلى أقصى تقدير، بعد شهر من إعلان حالة الطوارئ.

أما مغاربة العالم، فعوض تشجيعهم على زيارة بلدهم في هذه الظروف العصيبة، والتي يوجد فيها الاقتصاد الوطني فيأحلك أيامه، ويعاني فيه قطاع السياحة من سكتة دماغية، علما أنهم يشكلون ثلث الحجوزات في الفنادق المصنفة سنويا،فإن أقل ما يمكن أن نفسر به سلوك الحكومة اتجاههم، هو أنه غير مرحب بهم في بلادهم، بعدما كانوا مغاربة قاطنينبالخارج، تحولوا بقدرة الحكومة إلى مغاربةقانطينبالخارج، وكل من يتابع ردود فعلهم في مواقع التواصل الاجتماعيوعبر وسائل الإعلام الأخرى، سيشعر بحجم الإهانة والمأساة التي يوجدون عليها، لأن زيارة المغرب ليست فقط، موعداسنويا يمكن تغييره بزيارة إسبانيا أو تركيا أو اليونان، بل هو حنين إلى الوطن والأهل، وخاصة الوالدين بكل رمزية ذلك،في زمن جائحة جعلت الموت قريبا أكثر من أي وقت مضى..

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

hakim منذ 3 سنوات

المغرب بلد متخلف وبرلمانه يدل على دلك. تحترم في المهجر وتحتقر في بلادك الام.

التالي