مصطفى كرين: الحكومة تغطي فشلها الذريع بتحميل المواطن مسؤولية ما يحدث -حوار

28 يوليو 2020 - 07:00

منذ بداية شهر مارس الماضي كنتَ من المدافعين والمطالبين بضرورة ارتداء الكِمامات وتوفيرها للمواطنين وقاية من كورونا، وهو الموقف الذي كان معارضا آنذاك لتوصيات منظمة الصحة العالمية، وكذا حكومتنا التي تستند عليها في قراراتها. كيف تنظر اليوم، إلى قرار إجبارية ارتدائها ومعاقبة المخالفين، خاصة في ظل إهمالها من طرف المواطنين؟

الإشكال اليوم، هو الموقف الذي اتخذته الدولة من الكِمامات منذ اليوم الأول، وبالضبط مستهل شهر مارس الماضي، بعد خروج رئيس الحكومة بتصريح يرفض فيه أن يرتدي المواطنون كمامات وقائية، ونحن الآن، نؤدي تبعاته، ثم إن إهمال المغاربة اليوم للكمامات من أسبابه إسقاطات رئيس الحكومة من الكمامة، إذ لو كان جرى التعامل بحزم مع مسألة الكمامات واعتبارها وسيلة ضرورية وإجبارية، لكان تعامل المواطنين اليوم مغايرا. إذ في ظرف وجيز تغير موقفها بين كمامات مخصصة للأطباء وبين إجبارية ارتدائها وسن عقوبات قاسية على المخالفين، وهذا يفقد الحكومة مصداقيتها كمرجعية وقائية.

في ظل الارتفاع المسجل على مستوى الإصابات من الناحية الصحية، ما مدى فعالية ارتداء الكِمامة؟

إذا جرى التعامل معها بالجدية اللازمة من شأنها أن تكسر سلسلة العدوى، مع استحضار أن نتائج أو ثمرة وضع هذه الكمامة لن تظهر حاليا إلا بعد 15 أو 20 يوما من الآن، لأن العدوى أساسا انتقلت بين الناس، وبعض المصابين لن تظهر عليهم الأعراض حاليا إلا بعد هذه المدة الزمنية، وبالتالي، لا يمكن أن نفرض الكمامات وننتظر مباشرة كسر سلسلة العدوى وانخفاض عدد الإصابات، إذن نتائج هذا الإجراء ستظهر خلال الأسابيع المقبلة ودورها جد مهم.

أين يتجلى تخبط الحكومة في تدبير أزمة كوفيدــ19؟

الإشكال الحقيقي هو أن الدولة ترمي في كل مرة بالكرة في ملعب المواطنين، علما أن المسؤول الأول عن كل ما يحدث حاليا هي الحكومة نفسها، لسببين رئيسيين: الأول هو سوء التعامل مع الكمامة، وثانيا هو أنه لم نر إجراءات حقيقية للوقاية والتكفل بالمصابين بكورونا، وهذا إشكال كبير، وأنا هنا أتساءل عن مراكز البحث التي يفترض وجودها، ثم أين هي المستشفيات التي وجب تشييدها؟ هل سنواجه الوباء بمستشفيات ميدانية فقط؟ الدولة تأخذ الأمور باستهتار، أين الأطباء الذين وجب تكوينهم بخصوص الأزمة، وأين الأجهزة التي وجب توفيرها؟ الحكومة لم تستعد ولازالت تغطي على عدم استعدادها لهذا الأمر برمي الكرة في ملعب المواطنين.

لكن المواطن بدوره يتحمل المسؤولية، إذ إن الحكومة أقرت بارتداء الكمامة لكن البعض يتهاون..

من الناحية الطبية، إذا قلنا الكمامة، فإن فعاليتها فقط 4 ساعات، فهل المغاربة على استعداد اليوم للتعامل مع الكمامة على هذا الأساس، وعندما نطالب مواطنا بارتداء الكمامة، إلى أي حد نحن متأكدون بأن الكمامة التي يرتديها صالحة وتستوفي الشروط الصحية، أنا نفسي وقفت على مواطنين يضعون كمامات جد متسخة وهي نفسها يرتدونها منذ 15 يوما، ولذلك أقول إن هذا القرار الذي خرجت به الحكومة هو نوع من تبييض عملها من خلال الإلقاء بالمسؤولية على المواطن، وبالتالي، المواطن المغربي مثله مثل أي مواطن في كل أنحاء العالم سيقوم بنسبة معينه بما عليه، لكن السؤال الأساسي اليوم، هو ما مدى استعدادنا للتكفل بالمصابين، وهذا هو الأساسي اليوم.

بالمجمل، الحكومة اقترفت أخطاء فادحة في التعامل مع هذا الإجراء الوقائي منذ اليوم الأول ولازلنا نعاني من إسقاطات موقف رئيس الحكومة ووزرائه بخصوص التقليل من أهمية هذا الإجراء، والمغاربة لم يتخلصوا بعد من تبعات هذا الموقف ويعتبرون الكمامة غير ضرورية، إذ إن المسؤولية تقع على الحكومة نظرا إلى عدم توفير الكمامات بالمعايير والكميات المعقولة والمهمة منذ اليوم الأول، والمسؤولية الثالثة أنه عندما فرضت الحكومة الكمامة فرضتها بشكل مفاجئ وبغرامات مالية وعقوبات حبسية عوض أن تنهج طريق توعية المواطنين والتأكيد على فعالية الكمامة صحيا، وكل هذا في ظروف اجتماعية واقتصادية سيئة جدا.

أفهم من كلامك أن قرار فرض عقوبات حبسية وغرامات مالية إجراء غير مقبول؟ كيف سيقتنع المواطن إذن، بضرورة الكمامة تحقيقا لسلامته ومحيطه؟

يجب أن لا نركز كثيرا على مسألة العقوبة، لأنه لا فائدة منها. الأساسي هو الوقاية، ولتحقيق ذلك يجب أن نوعي المواطن بأنه يجب أن يرتدي الكمامة بشروطها اللازمة ومعاييرها الصحية المفروضة، إذ لا يمكن أن نسمح بارتداء المواطنين لكمامات تفتقر للجودة أو الشروط الصحية لأنه بهذا وكأنه لا يرتديها. تبقى مسألة أخرى هي أن الحكومة لم تظهر أي شكل من أشكال الاستعداد لمواجهة الوباء، عدا الخطب التي تنادي بها في البرلمان، والتي تقول نحن تفادينا كذا وتجنبنا كذا، كما أنها لحد الآن لم تقدم دليلا على فعالية عدد من الإجراءات التي قامت بها في هذا الشأن، ثم كيف نفسر نسبة الإماتة. من الممكن أن يقول لنا وزير الصحة إن عدد الحالات مرتبط بعدد الفحوصات المخبرية، لكن كيف يفسر عدد الإماتة ونسبتها؟ الإماتة مرتبطة بأمور أخرى، ووزير الصحة يقول إنه لم تحدث أي طفرة جينية لحد الآن، لنفترض أننا نصدق هذا، لكن أين السبب والبرهان العلمي على ذلك؟

تقصد الدراسة التي قامت بها وزارة الصحة في طنجة ووعدت بإصدارها في اليوم الموالي قبل أن تتراجع عن ذلك..

تماما، أين هي هذه الدراسة؟ ولماذا لم تصدر؟ أيضا دراسة أخرى مرتبطة بمدى نجاعة البروتوكول المعتمد في التشافي أي الكلوروكين، بما أن الحكومة تشيد بهذا البروتوكول وتعتبره فعالا. أين فعالية الكلوروكين اليوم؟ لماذا نشهد ارتفاعا في مستوى الوفيات، ولماذا توفت الحالات بشكل ملحوظ مؤخرا. هل أخذوا الكلوروكين أو لم يفعلوا؟ وإذا أخذوه لماذا توفوا، خصوصا وأن من بينهم شباب، لذلك لا يعقل أن نرجح وفاتهم لكبر السن وهشاشة مناعية. كل تلك أسئلة واستفهامات كثيرة نطرحها بدورنا كأخصائيين، لكن لا نجد لها جوابا. لذلك عنوان المرحلة هو أنه وجب أن تكف الحكومة عن جلد المواطن وأن تتحمل مسؤوليتها السابقة والحالية والمستقبلية في التكفل بهذا الوباء وغيره، لأنه لن يكون آخر وباء، ففرضا قضينا على كورونا بصورته الحالية من المحتمل أن يظهر وباء جديد في شهر شتنبر أو أكتوبر المقبلين لن يقل خطرا عن كوفيدـ 19، إلى أي حد نحن على استعداد من ناحية الصحية والتجهيزات والبروتوكولات، والموارد البشرية، وما إلى ذلك.

قبل فترة نشرت بروتوكولا يتعلق بشروط العودة إلى العمل، لكن مع من ستتواصل؟ لا حياة لمن تنادي، فالحكومة تكلم نفسها ولا تكلم أحدا، وحاليا استقبال بعض أعضائها من طرف وزير الداخلية للتحضير للانتخابات التشريعية المقبلة جعلت عقولهم تذهب أكثر إلى المشاريع الانتخابية، وعوض تضافر الجهود لمواجهة كورونا والاشتغال بكد في تدبير الأزمة، راحوا يشتغلون على مذكرات مرتبطة بشروط إرغام المواطنين على التصويت، في حين أن المرحلة التي تمر منها البلاد، لا تستوجب استحضار الشأن الانتخابي أو إرغام الناس على التصويت، لأن المشكل اليوم هو كورونا، إذ كيف ستكون هذه الانتخابات إذا تمكنت منا كورونا، لذلك يجب أن نكون قد أنهينا الحرب مع كورونا قبل أن نفكر في مسألة الانتخابات، وبمقابل تنامي المقترحات والمذكرات المرتبطة بالانتخابات نلحظ شح وشبه انعدام للمقترحات العلمية المرتبطة ببروتوكولات العودة إلى العمل والتجهيز ومراكز البحث والأطر وغيرها، لذلك أؤكد وبتشديد مرة أخرى أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا في تحمل مسؤوليتها فيما يتعلق بالتكفل سابقا وحاليا ومستقبلا.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي