لماذا غادرتُ معسكر المنتخب الوطني؟

27 يونيو 2019 - 20:31

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد: تردّدتُ كثيرا في كتابة هذه المقالة. بعدما صليت صلاة الاستخارة، حسمت أمري. قررّت أن أجيب عن سؤال شغل الجمهور الكروي: لماذا غادر حمد الله المعسكر؟

أقول وبالله التوفيق. احترافي في فريق النصر، جعلني أعيش أحلى أيامي. أحقق الإنجازات الكروية، وفي الوقت عينه، أشعر بطمأنينة روحية، في أرض النبوة، حيث الكعبة المشرفة، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم. ليس عبثا، أن أختار شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله عنوانا لحسابي على الأنستغرام. اخترت هذا الاختيار، لأستثمر نجوميتي في الدعوة إلى الله، لأن الشباب يقلدون النجوم في تصرفات تافهة. ولذلك، أبادر لتجويد ما تيسر من أواخر سورة «الحشر»، وأن آخذ صورة من الشيخ الكريم صالح مغامسي، لأحبب الشباب في القرآن، واحترام رجالات الدعوة إلى الله.

أجمل لحظة رضا عند الإنسان، أن يحقق نجاحا مبهرا في مهنته، وقلبه معلق بالله، في الآن عينه. هذا الذي عشته مع فريق النصر. لم أكن أتوقع نهائيا، أن يتحقق هذا الحلم: «أن أجمع بين كرة القدم، والدعوة إلى الإسلام»، لأن الناس في هذا الزمان، إذا رأوا شخصا مشهورا يعتز بدينه، يتهمونه باتهامات تافهة، لا تستحق الرد.

جمهوري العزيز: تخيلوا معي، شخصا، عاش هذه اللحظات، وفجأة، انتقل إلى فريق آخر، فهل سيكون الاندماج سهلا أم صعبا؟ متأكد أنكم ستجيبون بأن «الاندماج سيكون صعبا». وإذا أردتم أن تتأكدوا، قارنوا بين حسابي وحساب الصديق العزيز فيصل فجر على الأنستغرام، فهو يعرف حسابه هكذا:Footballeur professionnel au Stade Malherbe de Caen et international marocain . وبهذا، تتضح رؤية كل واحد مناإلى كرة القدم. هناك، من يعتبرها لعبة فقط، وهناك من يعتبرها: «لعبة ورسالة». أنحاز إلى هذا الصنف الأخير. ولن تجدوا لاعبا واحدا في المنتخب، يعلن الشهادة لله ولرسوله.

أحب أعيش كرة القدم بروح دينية، مواظبا على صلواتي، تاليا لكتاب ربي، وأن لا أتصرف تصرفات تخدش تديني في كواليس المنتخب، أكان ذلك التصرف قولا أم عملا؛ لأنني في مقام القدوة، وأحب أن أكون قدوة حسنة. جمهوري، لو رآني أدخن الشيشة، أو أتلفظ بعبارات نابية، سيقارن بين عنوان حسابي في الأنستغرام، الذي يؤكد الوحدانية لله، وبين تصرفاتي، فيتهمني بالمنافق. أريد أن أكون منسجما مع قناعاتي الإسلامية، وأن لا أنخرط في كل ما يشوش عليها.

أضحكني جمهور الفيسبوك، الذي قام بتركيب صورة بالفوتوشوب، أجلس أمام الشيخ عبدالسلام ياسين رحمه الله، زعيم جماعة العدل والإحسان. من قام بنشر هذه الصورة المفبركة  -التي غرضها الكوميديا السوداء- يريد السخرية من الحكومة، التي اتهمت الجماعة بتحريض طلبة الطب، وتأزيم الوضع، باحتجاجات قوية. غير أن الحكومة استمرت في تحقيقاتها عبر الجامعة الملكية لكرة القدم، لتكشف عن اختراق عضو من الجماعة، اسمه «حمد الله»، للمنتخب الوطني، يريد زرع الفتنة بين النخبة الوطنية، فيفشلوا في إسعاد المغاربة، وتضيع الجماعة عبر عضوها، فرصة استغلال المخزن لكرة القدم في التسويق لنفسه.

جمهوري الوفي: أعتز بأنني مغربي مسلم، لكن لا علاقة لي بالسياسة ولا بالحركات الإسلامية، ولو ثبت أن لي علاقة، فهل تتخيلوا أن أكون لاعبا في فريق النصر، بالمملكة العربية السعودية؟ إن الذين روجوا لتلك الصورة، لهم هدف آخر، أن يسخروا مني، وكأنني رأيت رؤيا-سلوك تربوي أصيل في جماعة العدل والإحسان- تنذر بفشل المنتخب الوطني في «الكان»، فقررت مغادرة المعسكر التدريبي. حاولوا أن يربطوا بين تديني، وبين تصرفات الجماعة، التي تتشبث بإسلاميتها، وترفض التطبيع مع الفساد والاستبداد؛ فتختار المقاطعة. هذه الصورة، لم تغضبني، لكنها جعلتني أتأملها بعمق.

في الأخير، أوجه هذه الرسالة، إلى أسود الأطلس: أحبكم، ولا أكره أحدا فيكم، والله شاهد على ذلك. سأظل أشجعكم، إلى أن نفرح جميعا بالفوز بكأس إفريقيا. غادرتُ المعسكر، لسبب واحد، هو: اكتشفت أن منتخبنا يحتاج إلى قوة روحية، ليحقق الفوز بالكأس. تأملت في كل اللاعبين، فتبين لي، أنني الوحيد صاحب هذه القوة، فقررتُ المغادرة، لأتفرغ للدعاء للمنتخب، فنجمع بين القوة البدنية والقوة الروحية. وهذا الذي تحقق في أول مباراة، انتصرنا بسبب قوتنا الخفية. اللهم وفق منتخبنا ليفوز بكأس إفريقيا، يا رب استجب. آمين والحمد لله رب العالمين.

شارك المقال

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التالي